تحيا مصر
السبت، 18 يوليو 2009
إمـام المعتقليــن
من ليل الفجيعة ، ومن آهات المحرومين المكبوتة ،ومن شفق الحلم الأزلي بأن يسود الطهر والحقيقة ولغة الاخيار وينتصر لواء الصبر على دجى النفاق فتتناثر أوراق الخديعة والتدليس ويندحر منطق الجبابرة في كبت الفكر وعد الأنفاس وخنق الأمل . . .
من بين ركامات الماضي البعيد –القريب ، رأيتهم يتشحون سواداً ويحثون الخطى نحو ضريح الأحرار وملجأ الصابرين وقلعة المتحيرين ،شوقاً وحزناً وحسرة على سجين الرأي ،وشيخ الزاهدين ،ومثال الصابرين . . .
ترى ، لو علم السجان بهذا المنتهى المهيب ، وهذا الألق السرمدي ،ودموع الولاء والراكضين نحو مثواك بأقدام حافية ،متشققة ، وتصارع المنافقين-كل المنافقين على البراءة من دم الصديق ، أتراه يقدم على ما فعل ؟!!
منذ ألف عام ونيف ، غادرتنا البراءة ،ومنذ قرن ونيف ودعتنا خيرات الأرض ، واليوم ، يا ملاذ المظلومين ، تبرأ حتى الفرات منا وما عاد أخوة يوسف يكتمون حديثاً عن النيل من العفة والفضيلة ، لم يبقى من هذه البلاد – سيدي – سوى جبلين شامخين ، سجنك ، وقد أنشطرت به أيادي الطغاة الى ألف سجن وسجن ،وروضك الأبي . . .
سجنك يا سيدي ، ولود قد باركتها أفكار الطغاة ، والحالمين بأن يعمروا أكثر مما عمّر أولوا القصور متقدمهم ومتأخرهم ،فكانت زنازين تضج الى السماوات بأدعية الفرج والخلاص وانتظار المخلّص ،وكان العراق-كال العراق- سجننا الكبير !
وبين عواء الأراذل إذ يحومون حول الضريح المبارك ،يفتشون الأزقة عن بقايا ثائر خذله الوطن والأخ والصديق والقريب والبعيد ، وبين عويل الأجراس إذ خنقتها رغبات الشركات الكبرى ، وصناع المكائد ،وبين صمت الصامتين على اغتيال الحقيقة والرؤوس البيضاء المدفونة في رمال الذل والرذيلة ،بين هذا وذاك أراك –سيدي – ما زلت خاشعاً ،صابراً- كل هذه القرون - ، صامداً كالقضاء الذي لا يُرد ولا يبدّل ،مجاهداً – كل أباطرة الارض – وأنت تتمتم بالحمد لله تعالى إذ فرّغك لعبادته . . .
فيا جبل الصبر ، ويا عبق الخلاص حيث كل يوم ينقضي على المظلوم بشره ،سينقضي على الظالم – لا محالة – بخيره ، ويا سؤدد العقيدة إذ تشوّه في أروقة المكاتب المريبة ، وسراديب الخيانة ،والدين (اللعط) على ألسنة المنافقين ، هل لنا أن نطمع رغم كل القصور والتقصير والإدبار والتفريط ، بدعوات مبروكة من شفاه الطهر ومن ذات اللسان الذي طالما كان حكراً على الحب الأكبر والعشق الأسمى لملكوت العظمة ؟
وهل لنا –ونحن الجاثمون على هزائمنا منذ ألف عام – أن نبتغي وراء الركعتين اليتيمتين ،أملاً يداعب خيالنا المجدب بأن الكرام إذا حييوا بتحية فسيردونها بأحسن منها . . .
سيدي يا راهب الهاشميين . . . في عراقك الفاني بحب الأطهار ، ثمة فتية لا زالوا يولون وجوههم شطر بيوتكم إذ أذِن الله أن تُرفع وإن رغم المرجفون وكره المجرمون ، يفرّون من أحزانهم وفقرهم وسياط الجلادين ممن يدعي وصلاً بمبادئكم ومنهجكم ،فتية باعوا دنياهم من أجل دينهم ، وراحتهم من أجل رضا الجبار . . .ينادونك يا أبا المظلومين ، ويا رمز المعذبين في قعر الجحود ، ويا أنموذج الصبر في دجى الظليمة ، أن امسح على أبصارنا لترى أحلامنا النور ، واركل بالقدم المقدس صحراء وحشتنا تنبجس عنها ملايين الامنيات لغد يعض الظالم فيه على يديه . . .فنحن قد هجرتنا سبل الوصول ، وأدعية أولاد الانبياء مذ كربلاء. . .
فيا (بابها) الذي يؤتى منه ، نظرة عطف وإحسان الى حوائج مريديك ،وكم حاجة وحاجة تلوذ بقدسك الزاهر حين يُحرمها السائلون !!
ويا إمام المضطهدين ، ويا لوحة الكبرياء العلوي ، كل ضحايا القهر والعنجهية والاستبداد ، يقرؤونك التحية والسلام ، صالح الجيزاني ، صباح الشميساوي ،الشيخ محمد القريشي وفلان وفلان وفلان . . .
يسالون الله الخلاص بكم وبقربكم ، لأنك اليوم سيدي ، أصبحت معشوقاً لكل الأحرار ، وكل الأحرار قد أضحوا اليوم (رافضة) لأنك إمامهـم .
مشتاق طالب عيسى
Mushtaq_t_e@yahoo.com
http://3rdtend.blogspot.com/
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق