تحيا مصر

تحيا مصر

الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

مصائب أهل الحق !




في التاريخ الإنساني تجارب لا بد من الوقوف عندها والتأمل لأجل أخذ الحكمة والموعظة ، والتاريخ الاسلامي تحديداً ربما يكون الأغنى في هذا المجال لا سيما بكثرة التقلبات و(الانقلابات) ودرجة أهميتها في مسار الدولة والمجتمع ومسار التاريخ...
تجربة الزبير تحديداً والانقلاب الخطير في سلوك تلك الشخصية التي كان بالإمكان جداً أن تنتهي الى غير ما آلت اليه في النهاية لأن العبرة في الخاتمة كما يعبرون ، ولا أجد أصدق تعبيراً من قول الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وهو ينظر الى سيف الزبير بعد مصرعه وهو يقول : سيف طالما أزاح الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله !
فأي اختزال تام وشامل ومعبر أراده سيد الاوصياء بهذه الجملة التي أختصر فيها حياة أحد أكابر صحابة النبي العظيم ، ومن القلة الباقية على العهد بعد رحيله في التمسك بحبل الله المتين ، وحجته على الخلائق أجمعين، ومن ثم الإنحدار المخيف والرهيب الذي أصاب الشخصية في فتنة الجمل ليغير من مصير الزبير دنيوياً وآخروياً ويدخله مدخلاً كان الأبعد عنه حتى ساعات عمره الأخيرة ...
كذلك فعل يهوذا بطريقة أخرى عندما غيرته الأطماع والحرص على الفاني من الأشياء ،فنزل ونزلت معه قيمته الإنسانية وتاريخ مشرف كان يمكن أن يحكى بصيغة أخرى ...
ولو تأملنا وحللنا أسباب هكذا انقلابات نفسية وشخصية تردي اصحابها لطال بنا المقال والمقام ،خصوصاً بلحاظ أن مقابل هذه التسافلات تكاملات على النقيض منها ترفع أصحابها وتعلي من شأنهم في آخر لحظات الحياة ....الحر بن يزيد الرياحي هو الأقرب مثالاً والأكرم شأنا .
الصدريون ، كحركة مرتبطة بأسباب التخطيط الإلهي شاء من شاء وأبى من أبى لأنه في النهاية كل تحركات الأفراد كأفراد والمجتمعات وعلى المدى الأشمل والأوسع للتاريخ ترتبط أكيداً بالحكمة الإلهية ،مسار الحركة الصدرية تعرض من بزوغ المؤسس الشهيد الأول السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه الى هزات عنيفة ومؤامرات خارجية وداخلية (نسبة الى البعد الحوزوي والعقائدي) كان من شأنها أن تضفي على الحركة والفكرة الصدرية مزيداً من القوة والمنعة حتى كان الفاصل الصدري الثاني والذي لولاه لما كان للخط أو الحرة أو الفكرة الصدرية عموماً تلك الاسباب من التواصل والحركية والشمول والوضوح الفكري والعقائدي وهي ثورة الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر رضوان الله تعالى عليه.
ومع ما رافق ذلك الألق العلوي الكوفي من استنفار لقوى الأغلبية الحوزوية (لأن الأنانية هي العنصر الغالب في المرجعية جيلا بعد جيل وللأسف الشديد حسب مضمون السيد الشهيد الصدر قدس سره) وتكالب القوى الخارجية من سلطة قمعية وأصحاب الدنيا والمفاسد فكان أن أنتهت حياته الشريفة بفخر الدنيا والآخرة ، وآلت أمور الأتباع الى التنكيل والتشريد والقتل والمزيد من التضييق الذي كانوا يهربون منه الى رحاب السيد الشهيد فيجدون متنفسهم وجنتهم الأرضية هناك.
أما ما لم يحسب له المحتل حساب ،حاله حال قوى (المعارضة) الفندقية (مقابل المعارضة الميدانية والتي يتفرد بها اتباع الصدرين) ،فهو بلا شكل تلك القاعدة الجماهيرية التي أسسها وأشرف عليها الصدرين الشهيدين وقادها بكل براعة وشرف السيد مقتدى الصدر أعزه الله ،فكانت المواجهتين العسكريتين مع الامريكان واتباعهم تخللها وتبعها أشواط الخيانة من عراقيي الجنسية وصولا الى صولة المالكي وما لحقها فكأن مأساة ابو موسى الاشعري تعيد نفسها ،فحين أوقف السيد مقتدى الصدر النار من طرف واحد حفاظاً على ارواح العراقيين ،كانت كلاب السلطة (وما زالت) تنهش في أجساد الصدريين قتلاً وانتهاكاً واعتقالاً ، فهم رجال الذي يفتخر بأنه ضرب الشيعة قبل السنة على أية حال.
أما وقد عجز المخططون الكبار عن تحجيم المد الجماهيري للتيار أو ثنيه عن مواقفه الوطنية والاسلامية ، فقد تفتحت عقولهم عن خطط من نوع آخر ....وهي محاولة قصف التيار من الداخل.عبر الآليات التقليدية من ضخ للأموال والعتاد العسكري والاعلامي الذي اضطلعت به دولة مجاورة وأذرعها المنتشرة في المنطقة ،إضافة الى تسخير الماكنات الاعلامية (المقاوِمة) ، والحق ان عدد لا يستهان به من ابناء المقاومة الوطنية العراقية قد أنطلت عليهم حيل السياسة والاعيبها المتمثلة بمحاولة سحب البساط من تحت أقدام السيد مقتدى الصدر خصوصا اذا ما وضعنا في الحسبان أن قيادات المقاومة المنشقة تتضمن أسماء وشخصيات لا يستهان بها في الموقف والشجاعة والإخلاص ....ولكن كانت الخاتمة فشلاً ذريعاً وللأسف الشديد حالهم حال الزبير !
هذه العملية المخطط لها جيداً لم تكن وليدة الساعة ، بل كانت جهداً أمريكياً-حكومياً بالاستعانة بالدولة المجاورة بعد أن عجزت الأطراف الثلاثة عن إحتواء قيادة مقتدى الصدر وتجييرها لصالحها وضمها تحت عباءة السياسة الدنيوية الرخيصة.
وإني استغرب من كتابات البعض المحسوب على (المجاهدين الجدد) إذ يمنون علينا أن رفعوا السلاح بوجه المحتل وكبدوه خسائر جسيمة ، والحال أن هذا من مواطن الشكر لله تعالى على توفيقه وليس من موارد الكبر والرياء على أية حال....فالله يمن عليكم إن صح جهادكم وخلص من أطماع الدنيا ، ولعل الجميع يعلم بموقف السيد المجاهد مقتدى الصدر من محاولة الاطراف الإيرانية أو الحكومية أحتواء المد الصدري الهادر ورفض –وهو في طهران- ان يكون تابعاً لدولة وسياستها ، يهدر اذا ما هدروا ، ويسكن حين تؤدي دهاليز السياسة دورها في تخفيف الضغط واخماد النيران والقاء السلاح....ولو علم في التبعية خيرا لكان السباق اليها ولكفت الآلات الاعلامية حربها ضد جيش الامام المهدي عجل الله فرجه وابناء الصدر المقدس ولكانت خطايانا حسنات وليس العكس !!
والغريب ان بعض قيادات هذه الحركة ،ينسى أو يتناسى كلامه بالامس القريب ، ولعل السيد سلام المالكي يمثل اوضح مثال على ذلك ، بالأمس القريب استلم وزارة النقل في حكومة الجعفري على اكتاف التيار الصدري وكان المتقولون يعيبون عليه انه اصغر الوزراء سناً ، ومع هذا كان ولاءه المطلق لمقتدى الصدر كونه القيادة الشرعية للتيار المقاوم ، فما حدى مما بدى ليتشدق المالكي اليوم بأن التيار الصدري ليس وراثياً !!!
نعم ، كان وراثياً عندما كان يدر على المتملقين والمتمسحين بعباءة محمد الصدر من اجل منصب او وزارة ، أما وقد دارت الايام فعلى المتلونين أن يغيروا جلدهم ليسايروا مصالحهم الشخصية المفضوحة.....وتسجيلات اللقاءات المكثفة للمالكي سلام في دار الحنانة موجودة وتشهد على المتملقين وأصحاب المصالح...
بلى ، سيرتقي وزارة ما في الانتخابات القادمة ، وسترونه في قادم الايام بعد ان تنهي فترته ، دعوجياً أو بدرياً أو من جماعة (الوسط) حسب اقتضاء المصلحة الشخصية....
ولله في خلقه شؤون .


مشتاق طالب
Mushtaq_t_e@yahoo.com
http://3rdtend.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية