تحيا مصر

تحيا مصر

الأربعاء، 15 يوليو 2009

وزير النقـل أم مفتي الديار العراقيـة . . .؟




تختلف ثقافة "المسؤول" والمسؤولية باختلاف ثقافات دول العالم والشعوب ،ففي أغلب دول الخليج ،كما هي الحال في معظم الدول السالكة لسلم التنمية والواقعة بين الدول المتقدمة وبين دول العالم الثالث أو دول الجنوب ، فإن الحصول على منصب وزير يمثل مرحلة مهمة من التاريخ الفردي للـ(وزير) وعائلته وقبيلته ،وربما في اغلب الاحيان يكون التنافس هو في درجة الخدمة التي تقدمها الوزارة للمواطن ومدى مساهمتها الفعالة في الدخل القومي وتحسن سبل الحياة الكريمة ،أما في الدول المتقدمة فإن إسناد وزارة ما الى شخص هي بحد ذاتها إمتحان واختبار للكفاءة أكثر منها أفضلية أو (ميزة) أو جاه ،وربما يتطلب الحصول على حسن الظن الاجتماعي وعلة الكعب السياسي بدرجة نجاح الوزير في أداء مهامه على أكمل وجه....
وفي بعض دول القارة الأفريقية وتحديداً في الدول المضطربة سياسياً فإن الوزارة تعتبر مجهود تعبوي مضاف الى خزين المجهود الحربي يصب في خانة الحاكم او المعارضة في مرحلة ما قبل إطلاق الرصاصة الأولى.
في العراق ،القديم والجديد ، وحيث التاريخ يقرّب الحاكم شيئاً فشيئاً من مصاف الآلهة ،وحيث (اذا أقبلت عليك الدنيا أعطتك محاسن غيرك،وإذا أدبرت سلبتك محاسن نفسك) ،وحيث يتلاشى تقييم الرجال الفعلي بموجب ما يقدموه من عطاء تحت ستار (أصحاب المعالي) والفخامة والسمو ،نرى أن جزءا كبيرا مما يؤدي في النهاية لأي دكتاتور أن يصبح دكتاتوراً يقع على كاهل البطانة .
والبطانة تلك لها مفاهيم وتقاليد لا تحيد عنها بين مسؤول وآخر الا بمقدار تعلق الامر بعمل ذلك المسؤول ،فهم يستمرون بـ(النفخ) بالمسؤول المسكين (في هذه المرحلة طبعاً) حتى يظن أن الوسادة قد طويت له وأن بإمكانه ممارسة جميع الإختصاصات في آن واحد ، بعبارة أخرى (جفتــة ) او (شلع) أو بالجملة وهذا هو لسان حال باقر الزبيدي أو صولاغ عندما سُئل ذات مرة عن توليه زمام الامر في وزارات حساسة منها الاسكان والتعمير والداخلية والآن وزارة المالية فماذا كان جوابه ؟
قال وبالحرف الواحد أن بإمكاني تسلم أي وزارة من الوزارات وسوف أنجح في قيادتها !!!
نعم هكذا تدار الأمور في العراق ومنذ عهد حمورابي صاحب أول قرار سيء الصيت بالخدمة الإلزامية في الجيش والى الآن ،فما الذي يجعل السيد صولاغ يتباهى بقدرته (الفذة) على قيادة طواقم جميع الوزارات وبأسلوب (الشلع) والجملة ؟
بالتأكيد أن ذلك لا ينبع من مهارة يختص بها أو ذكاء إداري أو مهنية ،حيث شاهدناه في ثلاث حقائب وزارية باءت بفشل ذريع ،ففي مهمته الاولى كان أقرب الى ناطق سياسي باسم الحكومة أكثر منه وزيراً لأسكانها ،وفي الثانية كادت الحرب الطائفية أن تحرق أخضرنا واليابس وهو يوزع ابتسامته بين عدسات الفضائيات أثناء تفجير جسر الائمة ليقول أن عدد الضحايا مبالغ به أنهم سبعة او عشرة !
ندبنا حظنا العاثر وقتها في وزير الداخلية المبجل الذي لا يتساوى عنده دم سبعة شهداء بدم ألف ضحية إكراماً لجلوسه على كرسي ليس أهلاً له (العدد المعلن حكومياً فاق الالف شهيد فيما بعد) ،وبكينا عندما رأينا من على شاشة نفس الفضائيات رئيس حكومة في دولة (ما) يهرع مع وزراءه الى موقع تصادم قطارين في العاصمة حيث كانت الضحية جريحين فقط قدم على أثرها رئيس الوزراء استقالة حكومته !
أما اليوم فإن المالية تندب حظها هي الأخرى لتنضم الى قائمة ضحايا السيد الوزير أسوة بالوزارتين السابقتين ، لأن عبقري الوزارات العراقية صرح في العام الماضي بأنه يمتلك ميزانية (إنفجارية) حسب تعبيره لم تجد بها السماء على حكومات العراق المتعاقبة منذ استقلاله !
وقبل شهرين فإن الجانب الامريكي عبر عن قلقه في إمكانية الحكومة العراقية من الاستمرار في دفع مرتبات الموظفين !!!!
فإين ذهبت مليارات الخزينة ؟

وزيـر النقـل يتخصص في رواية السيرة وعلم الرجال !

وقع في يدي قبل أيام عدد من مجلة (المواطن والنقل) التي تصدر عن إعلام وزارة النقل العراقية ،وطبعاً هذه المجلة حالها حال بقية المطبوعات الحكومية لا هم لها إلا التبجيل بالوزير والتطبيل لأفكاره التي عادة ما تسبق زمانه في النهوض بواقع (المدري شنو) وبجهود الكوادر (المدري شنيـة) وصولاً الى (لا اعرف) ؟!
وهذه المطبوعات لا يقرأها أكثر المواطنين ،لانها بصراحة لا تمت الى معيشته وهمومه اليومية بصلة ، فهي تتحدث عن عملاق إقتصادي رهيب اسمه العراق بات يزاحم دول العالم صاحبة الكعب العالي في جميع الاختصاصات وتتحدث عن رفاهية لا يراها المواطن البسيط الا في المسلسلات المدبلجة حيث البطل الجميل الذي يتنقل بين رفاهية السيارات الحديثة وأحضان الجميلات دون أن يكون للمشاهد حق السؤال عن مهنة أو عمل النجم ،ولعله يكون نائب في برلمان الخضراء أو (مسعووول) جبير ،نقطة اخرى تسبب عزوف المواطن المسكين عن هكذا مطبوعات وهي أمتلائها من الغلاف الى الغلاف بصورة (الضرورة) الوزارية ،فأنت ترى في مطبوعة انيقة تصرف من مال الشعب المعذب أمنياً وكهربائياً ،ترى صفحات ملونة بعدد (45) تحتوي على (50) صورة أنيقة للسيد الوزير ،وهذا ليس مبالغاً فيه حيث تحتوي الصفحة الواحدة على أكثر من صورة للمسؤول وبجميع موديلات الثياب وبجميع الحركات لأن السيد المسؤول (كُلّك حركـــات) كما يعبرون.
المهم وجدت في العدد الأول من كانون الثاني-2009 وفي الصفحة السادسة وبعنوان (كلمة الوزير) موضوع بعنوان (المدير المفوض لشركة خديجة للتجارة العامة ...مهنية بامتياز) ،وبما أن العنوان الرئيسي هو كلمة الوزير وبما أن صورة (فخامته) تتوسط أعلى المقال ،فالمقال محسوب عليه سواء كتبه بقلمه (الشريف) أو استعان بالحاشية والبطانة عليه وتم تذييله باسم الوزير للبركة ليس الا !
عنوان المقال قد لا يجذب القارئ ،فثمة آلاف مؤلفة من اسماء الشركات تنتشر في العراق ، لكني عندما قرأت المقال تبين أن السيد الوزير لا يقصد شركة تجارية بعينها ،إنما يقصد النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله باعتباره –حسب الزعم الوزاري- مديرا مفوضاً لأموال أم المؤمنين خديجة عليها السلام !!!!!!!!!
(بدأت حياة محمد المهنية مديراً مفوضاً في شركة خديجة للتجارة العامة ،ولنراجع سجله الوظيفي واضبارته الشخصية خلال عمله في الشركة،فهل كان يحابي قريباً فيعيّنه لأرضاء عمومته وهو المحتاج الى أصواتهم ونصرتهم مستقبلا ؟ وهل كان يطلب (5) أوراق مقابل ايجاد فرصة عمل لعاطل .............)
هكذا يتحدث عامر عبد الجبار عن خاتم الأنبياء وخير خلق الله !!
بدأت حياة محمد ، لنراجع سجله الوظيفي !!!
وإذا أردنا أن نحمل الرجل على محمل حسن ، نقول لربما ان الرجل أراد أن يمتدح فلم تسعفه القابلية الأدبية ، وأراد أن يضرب للموظفين أسوة حسنة فلم يجد خيرا من نبي الرحمة صلى الله عليه وآله مثلاً ، ولكن كيف نبرر له تلك التشبيهات السمجة بين التخطيط الإلهي للثورة المحمدية العظمى وبين المسميات التي سوقتها أمريكا وعملائها لتسويق الديمقراطية التي لم نجني منها سوى القتل والدمار بينما يثرى (القوم) على الجانب الآخر وبلا حساب حتى باتت دولة مثل الامارات العربية (ضيعة) لرؤوس الأموال العراقية المهربة تحت أنظار وأشراف وحماية دولة القانون!
دائرة المفتش العام ، النزاهة ، مؤسسات المجتمع المدني ،قوانين النفط والغاز وغيرها ما هي الا اضحوكة ، ووسائل لتهريب الخير العراقي الى حيث يعلم سكنة الخضراء وابناء العم سام وحدهم.
من نحن لنتحدث عن النبي الاكرم (ص) بهذه الوقاحة ؟
(الخبر اليقين نجده عند المفتش العام ،(ميسرة) خادم صاحبة الشركة الذي كان يتابع ويراقب عمل المدير المفوض ليزود سيدته بالتقارير اللازمة......!!!)
هكذا إذن ، فالسيد خديجة تعتبر نسبة الى العلامّة وزير النقل العراقي في حكومة نوري كامل المالكي أعلى الله رؤوس أموالهم في بنوك سويسرا هي أول من أستخدم المخبر السري لمحاسبة الرسول الاكرم فيما بعد ؟
ولأجل عدم توضيح الواضحات ،فسيرة النبي الاكرم صلوات الله عليه وآله وسيرة السيد خديجة عليها السلام تملأ بطون الكتب الصحيحة بعيداً عن أسفاف الاقلام السلطوية أو الاموية التي جعلت منها أرملةً عجوز تكبر النبي بخمسة وعشرين عاماً ،فتلك السيدة الطاهرة كان أول زواجها وآخره بنبي الإسلام وحسبها بذلك فخراً وهي التي خطبتها السماء الى محمد بن عبد الله (ص) فما احتاجت الى مخبرين و(علاسة) لينقلوا لها الأخبار ويكتبوا لها التقارير ، تلك المرأة العظيمة التي ما قام الإسلام إلا بأموالها وسيف علي سلام الله عليه هي أجلّ وأطهر من أن تستخدم أساليب الساسة الملمونين وسرّاق المال العام .
أجل أولئك أهل بيت الغاية عندهم لا تبرر الوسيلة ، بل أن الغاية عندهم من جنس الوسيلة ، فلا يبغون طاعة الله من حيث معاصيه ....[ وَلا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ..]
خديجة الكبرى حالها حال أبو طالب عليهما التحية والسلام ، كانا قبل البعثة على دين إبراهيم الخليل ،فلم يشركوا بالله قط ،وتمسكوا بأخلاق المؤمنين حتى بعث النبي محمد صلوات الله عليه وآله رحمة للعالمين وكان (ص) كما عبر (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) .
أما أن نضفي هلات القدسية على أفعال الحكومة لتبرير أخطائها فهذا مما لا يقبل به أي غيور ،كأن نبرر لحكام الخضراء اساليب المخبر السري في زج الأبرياء في ظلمات السجون حيث فعلتها زوجة النبي مع زوجها ،فهذاكلام باطل وخطير يستوجب من كاتبه الاعتذار كائناً من يكون.
وللعلم أيضاً ،فإن دولة النبي الأعظم لم تكن بحاجة الى مفتشين عامين ولا هيئات نزاهة ولا غير ذلك لأنها دولة تقوم على الصدق والإيمان ورسالتها انقاذ الانسان من عبادة (الغير) صنماً كان او شخصاً ،أما المنافقون ...
أما الأفــّاكون ،فقطعاً يحتاجون الف مسمى ومسمى ليتخذوا عباد الله خولا ومال الله نحلا وكتاب الله دغلا . . .
ولعل الوزير هو أعلم بمن يقبض الورقات الخمسة والستة في وزارته تحديداً ولكن للمصالح والمحسوبية لغة أخرى . . .
المفروض أن يسود مبدأ التخصص ، مهمتك كمسؤول لوزارة معينة هي عمل الوزارة وليس إلا ،أفلح به أو أرحل ،ولن يطالبك أحد بغير ذلك حتى تزج نفسك في غير موردك وتكون خبيراً في الروايات وأحاديث السيرة.
في المقال القادم سنفتح ملف أحدى أهم تشكيلات وزارة النقل هي يستثري الفساد بجميع إصداراته من فساد جماعة الرفيق (أبو عروبة) والرفيق (أبو خولة) وصولاً الى الفساد الحالي لمجموعة (أبو حقي) ، وما ادراك ما أبو حقــي !


مشتاق طالب
Mushtaq_t_e@yahoo.com

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

الكل على هذا المنوال

غير معرف يقول...

هؤلاء تعودوا على عقلية التهميش نتيجة هروبهم ايام البعث لذا لن يتمكنوا من ادارة مدرسة صغيرة

بحث هذه المدونة الإلكترونية