يستطيع ابناء القائد في شرقنا البائس ، أن يمارسوا كافة الصلاحيات العسكرية والمدنية ، ويعبّروا عن هواياتهم في الصيد والسباحة والسياحة والشعر والنساء على نحو مؤسساتي ،كما يمكن للإبن أن يقيم الندوات الدولية والمؤتمرات ويقوم بالصرف عليها –من ماله الخاص طبعا- كما انه وفي مرحلة متقدمة من عمر القائد ، يمكن للأبن ان يصدر البيانات العسكرية ويمارس صلاحيات القيادة نفسها ، من قصف مدفعي وطيران وقمع للمتظاهرين الى آخره ، يفعل ابن الرئيس كل ذلك واكثر دون أن يكون له أي منصب حكومي أو برلماني أو دستوري !
في الجماهيرية الأفريقية الكبرى ، أشترى احد ابناء العقيد حصة الاسد في نادي يوفنتوس للكرة ، وكان الدعم سخياً لذلك النادي فيما يصدع (قائد الثورة) رؤوس المواطنين يوميا بمصطلحات الامبريالية والتوسعية التي هي ليست من (التوسع) دائماً.
وفي القاهرة ، رفع المتظاهرون شعاراً خفيف الهضم وسهل الفهم مؤداه (أن مصر ليست عزبة) كناية عن المنحى العائلي الذي تتخذه السلطة في تسيير امور دولة كبرى مثل مصر كان يمكن لها أن تصطف في مصاف الدول العظمى لولا تفكير (العمدة) وابناءه الذين استبدلوا الدستور بالمزاج الرئاسي ومؤسسات الدولة بالعزبة.
وفي اليمن السعيد هذه الايام ،يعلو صيت (عدي اليمن) حيث يكثر الحديث عن ابناء (صالح) وابناء الأخ وابناء العمومة ايضاً ،لأن القضية هناك أضحت أكثر وضوحاً ، فشعار الرئيس هناك :أنا وابن عمي على الغريب !
ما يهم هنا ، أننا-هنا- لا نخشى كل تلك العيوب في النظام الديمقراطي الشفاف والجديد والنزيه والأكثر من رائع ،فلا يوجد لدينا نائب في البرلمان قام بتوجيه القوى الأمنية لقمع المتظاهرين كما حدث في دولة "مجاورة" منذ ايام ، أبداً ، لم يحصل ذلك ولا في الأحلام ، لأن ذلك يعني وضع اللبنة الأام في نظام الحزب الواحد القائد الماجد .ونحن كما لا يخفى دولة مؤسسات ذات نظام برلماني الحاكم فيها الدستور وليس "صديق" الريـّس كما في غيرنا من الدول....
كما أننا لا يمكن أن تتسرب الينا فكرة تسلط أبناء الريــّس ومباشرتهم مهام القيادة العسكرية والاعلامية من على اسطح البنايات، ابداً لم يحصل ذلك ولا في أسوء كوابيس الديمقراطية.
ابن الحاكم عندنا ، واولاد عمومته ، بعيدون عن السياسة قطعاً ،وهم كبقية افراد الشعب يستلمون حصتهم التموينية كاملة غير منقوصة،و يتقاضون أجرهم الوظيفي –ان كانوا موظفي دولة- أو يسترزقون من اعمالهم الحرة ، فالكثير منهم يعمل كسائق اجرة ، أو بنـّاء ،أو صبّاغ ،أو حتى (دبـّاغ) ، فلا وجود للمحسوبية العائلية الضيقة ابداً ،
الريـّس نفسه في بلادنا ، لديه من عزة النفس والكرامة وسعة الافق ما يرفض البقاء معها على سدة الحكم ساعة واحدة حتى لو تظاهر ضده (سبعة نفرات) في قضاء نائي في اقصى الوطن ،فلعلكم تشاهدون ما نُقش في اعلى الجدار-خلف الريـّس في المؤتمرات الصحفية (وليتكم ولست بخيركم) .لأن ثقافة الحاكمية الجديدة لدينا مستلة من تاريخ ناصع شعاره الاولً (دعوني والتمسوا غيري).
اطمئنوا ايها السادة ، فليس لدينا في العراق ، لا جمال ولا سيف اسلام ولا معتصم ولا حتى "خميس" .
السبت عطلتنا الرسمية !!
مشتاق طالب
Mushtaq_t_e@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق