سواء كان ما تم بثه على بعض القنوات من "دقلات" وكلات ورفسات يقوم بها منتسبي الجيش "الباسل" للمواطنين العزّل ،سواء كان مفبركاً أم لا ، وسواء كان خلفه اجندة طائفية او حزبية او اقليمية أم لا ، وسواء كان ضجة اعلامية ابتكرها "الشيخ" المجاهد للنيل من "الحجي" الريــّس ، أو كان تمثيلية ابتكرها مخرج "سابق" في تكتيك الطعن السياسي تحت الحزام ، أو حادثة عابرة لا تستحق الوقوف لأننا "ورثناها من النظام السابق" ، على كل حال وفي النهاية فإن المشكلة التي بات الجيل الجديد يواجهها ويتناطح معها كل يوم هي اكبر من "الجلاق" والبطاقة التموينية ومن المالكي والطالباني والبولاني وغيرهم ، إنها مشكلة شعب لم يُحترم من كل الأنظمة التي توالت على حكمه ، ومشكلة قديمة لجيش لم يحمل هوية وطنية ابداً وليس لديه عقيدة عسكرية معروفة ومشخصة ودائمة ، وقوات أمن تعمل على خدمة "اصيحله عمي" حتى لو كان سارق حقير ،المشكلة ايها السادة تتعدى فهم المالكي الذي لا زال يظن أن اي معارضة في العالم هي بالتأكيد تسعى لعرقلة النظام (انتقد الزعيم في جلسة البرلمان الاخير بعض من سماهم بالذين يضعون قدما في الحكومة واخرى في المعارضة "لعرقلة عمل الحكومة").
فلا تلوموا الرجل وهذا مستوى تفكيره ، ولا تلوموا مستشاريه الذين يوصف أفضلهم وكبيرهم بأنه "اغبى شخص في حلقة حزبية " ، ولا تلوموا اجهزة أمنه وجيشه ، لأنهم بالتالي لأمنه (هو) وجيشه (هو) كما كانوا سابقاً لمن سبقه ولم يكونوا يوماً لأمن الشعب والوطن .
الجيل الجديد سيعاني من احباط مفاده أنه قرأ وسمع دائما في دواوين النفاق الاجتماعي ان الجيش سورٌ للوطن ، فإذا به يواجه الحقيقة ويكتشف في اول صباحات التظاهر السلمي أن هذا الجيش هو عبارة عن مجموعة من الأميين والمرتزقة الذين لا تجمعهم عقيدة واحدة سوى المال والولاء لولي النعمة ، بحيث اعتبروا تلقائياً أن اي اعتراض على الحكومة هو اعتراض على الجيش والأمن والأجهزة المخابراتية ، وأن المتظاهر (مخرّب) ومندسّ ومتآمر حتى لو ثبت العكس ، فاتضح لهم بأن الجيش ما هو إلا سور للمنطقة الخضراء !
يا شباب العراق ، كذب من قال لكم بأن لدينا جيش باسل ..
كذب من اخبركم بأنه صاحب بطولات ، اللهم الا في السلب والنهب كما يفعل عتاة البدو حين تسنح لهم الفرصة...
كذب من اقنعكم بأن الأخلاق العسكرية ستمنعهم من التعرض لكم ، فالجيش والمؤسسات الأمنية جميعها لا استثني منهم أحد لا اخلاق عسكرية ولا شرف عسكري يمنعهم من التنكيل بالمواطن العادي فضلاً عن المتظاهر ، إنها العقيدة التي تربوا عليها جيلا بعد جيل ، الولاء لمن يتولى بصرف النظر عن عدالته وعن أحقية الشعب بالحماية من بطش النظام.ومن يقول عكس ذلك (فخلي يلبس الباب).
بالمناسبة ، ليس الموضوع متعلق بالمؤسسات الامنية والعسكرية فقط ، كل مرسسات الدولة تمارس انتقام منظم من المواطن ، ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ،ولعل هذا سبّب ولهاً وشغفاً لدى البعض باستدعاء فكرة الحرق/التهديم/التكسير كلما جاء الحديث عن التظاهرة او الإحتجاج ، لأنه يشاهد أبنية وقوانين ومدراء واذاعات وصحف لا همّ لها سوى زيادة معاناته ، وتعقيد سير حياته ، وتجعله يخصص أكثر من ربع عمره في المراجعات والواسطات والتوسل ، لذا يبرر له العقل الباطن أحقية الإنتقام في اقرب فرصة سانحة .واي فرصة افضل من جيش مستميت في الدفاع عن نظام جشع ، وشعب مشغول بالإحتجاج والتظاهر ؟؟
بيدنا فقط ان نغير كل ذلك ، بالسلم طبعاً ، فلا يكونـنّ جلّ همنا تعديل البطاقة التموينية ، أو حتى الغائها لأننا بلد النفط الذي تقول احدث التقارير أنه تجاوز السعودية في القاعدة الاحتياطية ،ولا نجازف بالتظاهر في هذه الفترة الأهم والأكثر تأثيرا من تاريخ بلدنا لأجل معاملة تعيين او برميل نفط أو سعر طماطة ،بيدنا ان نغيـّر كل مظاهر التخلف ومن الجذور ،بيدنا أن نفخر مستقبلاً بأن لدينا جيش مهني تخصصي كفوء أهم اخلاقه النبل العسكري وشرف السلاح وحماية الحدود ، لا أن تكون افضل انجازاته كيل الجلاليــــق !
مشتاق طالب
Mushtaq_t_e@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق